شرح قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي

شرح قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي
شرح قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي

ولد أحمد شوقي عام ١٨٦٩ في القاهرة، ولد في اسرة تحب العلم ونشأ في قصر الخديوي، والتحق بالكتاب في سن صغير وسافر إلى فرنسا لدراسة الحقوق، وكانت له الكثير من الأشعار والدواوين، ويتميز بتعدد ثقافاته نظرًا لأنه انحدر من أصول تركية يونانية وعربية وشركسية وكردية، ومن أشهر أشعاره نهج البردة، ومن خلال موقع منصتك سنتعرف على شرح قصيدة البردة

تأثر أحمد شوقي بالقدماء

شرح قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي

يقول أحمد شوقي:

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ***أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ.

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ

رُمي جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ رُزِقتَ

أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ

لقد كان العرب القدماء يسيرون على نهج واحد، وهو بدء القصيدة بالبكاء على الأطلال أو الغزل، وكان أحمد شوقي شديد التأثر بالنهج القديم ، والدليل على ذلك قصيدته نهج البردة، فلقد بدأ قصيدته بالغزل في محبوبته ولقد شبهها بالظبي، وهذا الدليل الثاني على تأثره،  فالشاعر يتأثر بيئته وكانوا العرب القدماء يعيشون في الصحراء.

وكانت الماشية هي ما تحيط بهم فكانوا يشبهون المحبوبة مثلما فعل أحمد شوقي بالظبي، ولقد كان شديد التأثر بكبار الشعر العربي البوصيري وكعب بن زهير، فلقد قام شوقي بتشبيه الظبي وشدة جماله بالسيف الذي قام بقتله في الأشهر التي حرم فيها الله القتل وهي محرم ورجب وذو الحجة وذو القعدة، ومن شدة جمال الظبي الأسد الذي هو ملك الغابة لا يستطيع رؤية كل هذا الجمال، فإن الظبي ينبعث من عينيه بريق لامع يضيء له ظلامه، فلقد أوقع الظبي الأسد في حبها ، هكذا الشاعر يكون نجح في وصف المحبوبة بالظبي.

أقرأ أيضًا: شرح قصيدة هل كان حبا لبدر شاكر السياب وماذا تمثل قصيده السياب؟ و أهم معلومات عن بدر شاكر

الحب في نظر أحمد شوقي

لقد أوضح شوقي أن النظر في عين محبوبته تسوي له الأهوال، فهو معروف بقوته وشدته ولكن عيونها تصيب قلبه ولا يوجد شفاء لهذا الحب أو دواء يمكن أن يشفيه من حبها، ولكنه كتم هذا الحب في قلبه فلم يستطع أحدًا أن يفهم شعوره فكتم بداخل نفسه كل ما يشعر به.

صفات العرب قديمًا

لقد أوضح أيضًا أن العرب القدماء كانوا يتمتعون ببعض من الصفات الحميدة وشيم الرجال مثل الكرم والشجاعة والتماس الأعذار؛ هكذا يجب أن يكون المحب مع حبيبته، ثم عاد شوقي ليتحدث عن جمال ولوع الحب، وطلب ممن حوله بعدم لومه على شدة هذا الحب.

أقرأ أيضًا: شرح قصيدة عيد بأي حال عدت يا عيد كاملة .. أشهر الأبيات من قصيدة عيد بأي حال عدت للمتنبي

الصراع بين القلب والعقل

إن شوقي يعرض صراع قلبه مع محبوبته، فهو يكن لها كل الحب والعشق والولع، ولكنه حب من طرف واحد، وما أصعب الحب الذي يكون من قبل قلب واحد، فمحبوبته استهانت بهذا الحب ورفضته رفضًا قاطعًا، وعلى الرغم من ذلك أخذ شوقي الدعاء لها بألا تتذوق مرارة الحب، وأن يرزقها الله بكل الخير وأن يجعل حياتها هنيئة بعيدة عن الام الحب وشقائه.

أقرأ أيضًا: ما هو شرح قصيدة خف القطين للأخطل و شرح مضمون للقصيدة

رؤية شوقي للحياة الدنيا

داعي الصِبا تَهِمِ صلاح أَمرِكَ*** لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ**وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ 

وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مرتع وخم تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوىً طَغيَ الجِيادِ*** إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفران***ِ لي أَمَلٌ في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ أَلقى رَجائي

 إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ***  إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ عِزَّ الشَفاعَةِ

لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ

لقد أوضح أحمد شوقي حقيقة الدنيا وأنها فانية، كما أنها خادعة فيوم تضحك لك وتريك ما فيها من جمال، ويوم أخر تكون قاسية عليك، ولكن نحن البشر غارقين في ملذات الدنيا ومتاعها وناسين أنها فانية وليست دائمة، ونحن لم نفكر في نهايتنا إنما نفكر في المرح واللهو، وهناك نوعان من النفوس نفس جيدة طيبة غير خبيثة تسعى لإرضاء الله عز وجل وتفكر في الآخرة، أما النفس الخبيثة هي التي منغمسة في الملذات والمعاصي، ولكن الإنسان هو من يستطيع أن يتحكم في نفسه ولا يترك نفسه الشهوات.

لقد انتهينا الآن من التعرف على شرح بعض الأبيات من قصيدة نهج البردة، والتي اتضح من خلالها مدى تأثر أحمد شوقي بالقدماء منذ المقدمة، كما أن طريقته في وصفه وتعبيره عن محبوبته عندما وصفها بالظبي، ولكنه حاول أن يوازن في ألفاظه وتصويراته الجمالية بين القديم والجديد.